
الخرطوم ليس عاصمة او مدينة الخرطوم “أم” إحتضنت المتشرد والمتسؤل وكانت مأوي العجمي والعربي لم تختار لون او أجناس معينة لساكنيهابل جميع من يحضر اليها تستقبله بقلب رحب وحنية كبيرة لم تختار من هو متعلم او غير متعلم ولم تختار من يتحدث لغة معينة جعلت كل ساكنيها ومحبيها يجولون باريحية تامة لم تأمر أحد بالبقاء او الجلوس في مكان معين كان لي أي شخص يتضرع فيها كيف يشاء وبأي زمن يحب ،لم تحرم أحد من إختيار المأكل والمشرب ولم تخيراحد علي أحد لكل ساعي مسعي ولكل باحث عن الرزق يجد نصيبه فيها.
الخرطوم أمان وان وجد بها قطاع طرق او زوار الليل بالمنازل الخرطوم أمان وان كانت بها ٩طويلة وغيرها أمان بوجود كل شخص داخل منزله والذين ليس لديهم منازل كان الأمان بوجود الخيرين لهم .
تأكدت بأن الخرطوم كانت أم للجميع بعد هطول الأمطار والعواصف الترابيه استمرت لمدة خمس ساعات دون توقف مع انقطاع للكهرباء بالقرية التي نزحت اليها وكانت من أصعب الليالي الخريفية التي اعيشها وأنا بداخل منزل جدتي ولم يغمض لي جفن ولم أنام في هذه الليلة وكان كل تفكيري كيف يكون حال من هم بدار ايواء النازحين بجميع الولايات بعد فراق أمهم كيف حالهم مع العواصف والأمطار وبعضهم تايهين بالشوار لايوجد لهم مأوي يلتحفون الأرض .
الناجين من الحرب وهم بدار الإيواء اعلم جيدآ بانهم تعلمو الصبر وعدم الجزع والخوف مما سوف تحدثه الأيام القادمة في حياتهم لانهم أصبحو يديرون حرب فقد “أمهم” الخرطوم التي تأويهم يعيشون مأساة الليالي وظلامها لوحدهم يستقبلون الرياح والعواصف كما تشتهي هي وليس كما يشتهون .
لم يكن المطر وانقطاع الكهرباء فقط معاناة الناجين بدار الإيواء هناك الكثير من المشاكل التي تواجهم الأكل والشرب الملبس والعلاج لايشئ يعيدها لهم سواء شفاء “أمهم” الخرطوم.