موسى ابورمبيل يكتب.. السودان بين تقاطعات الحرب السياسية والاهلية والطريق الثالث
الخرطوم | الان نيوز

هوية الامة:-
تنقسم الشعوب في تكويناتها البنيويه الي امم موحدة وامم واحده وامم فاشلة، حيث ان اغلب شعوب الارض مرت بطور التشرزم القبلي قبل ان تنسف دور القبيلة لصالح رقعة جغرافية محددة لتصبح دوله تتوسع فيها رؤي الافراد والجماعات الي المصالح المشتركة ووحدة الارض والمصير، ويندر تكون الدول من قبيلة واحدة وعرق واحد، وعند اختلال موازين العداله الاجتماعية والتغول السياسي وبروز سطوة الإنحراف الاهلي يقابلها ردود أفعال بانماط مختلفة بداء من الفعل السياسي وانتهاء بالعمل المسلح وفق نظرية الفعل الفيزائي (لكل فعل رد فعل مساوي له في القوة ومضاد له في الاتجاه) وحينها تصل الدول الي مرحلة العجز عن الاستمرار فتسمي دولة فاشلة،
&هل السودان امةوشعب واحد:-
من نافلةالقول ان شعب السودان خليط من الاعراق المتجانسة ببعض الروابط العميقة اعلاها وحدة الارض والمصير المشترك والمعايشة والدين والتكافل الرعوي والزراعي، وابرز مظهر لبداية تكوين الامة الواحدة هو الثورة المهدية حيث نادي المهدي على القبائل فلبت برايتها تحت وحدة الدين والارض ومن ثم توحدت تحت راية المهدية لتتكون اول دولة بالمفاهيم المعاصرة، لكن سرعان ما انحرفت بعد وفاته وغلب سلطان الاتجاهات والاعراق وهو ما ادي الي فناء الثورة المهدية،وقد وحد المحتل الارض دون الاهتمام بصهر المجتمع في بوتقة واحدة بل كرس للتشرزم بتقسيم الدولة الي حواكير ودور للقبائل بما يضمن مصالحة، وبعد خروجة في العام 1956استمر الحاكمين الوطنيين بذات نهجة الإداري الاهلي للبلاد مع وراثة عقلية المستعمر بتغليب المصالح الجهوية والعرقية على مفاهيم الوحدة الوطنية،مما انتج خلل بنيوي خطير في كيان المجتمع والدولة ولكن يحمدللحاكمين ادارة هذة المفاهيم الخاطئة في الخفاء وفي الغرف المغلغة لادراكهم بخطئية الفعل وكونة منكر لدي الآخرين، فظلت الدولة في ظاهرها دولة وشعب واحد وخلف الكواليس تدار بعقلية النخب الصفوية والجهوية متجاهلين عمدا او عن غفلة ان المستعمر حينما ارسي ومتن لنظام الادارة الاهلية لم يكن ذلك للأغراض الادارية فحسب، بل لتوطيد اقدامة وفق سياسة (فرق تسد) ، واستمر النهج الخاطئي في التمكين والاقصاء، حتى تفجرت الحرب الحاليةوهي الاسواء مقارنة بشبيهاتها منذ الاستقلال (تمردالجنوب/تمردجبال النوبة/تمرد الشرق والانقسنا/تمرد دارفور) وذلك نتيجة لتراكمات الافعال التي تغذي الاحتقان والحنق الجهوي والعرقي، والذي بسببه فقد الوطن جنوب السودان،.
&هل هي حرب بين قحت والكيزان وجناحيهما العسكريين؟:-
الخطاب الاعلامي لطرفي القتال يؤطر لهذا المفهوم بقوة خطاب، مسنود بحجة كل فصيل لكن الواقع المشاهد يؤكد بانها حرب اهلية بامتياز مسنودة بجهوية بغيضة، متسربلة باطروحات سياسية فجة، ومن الواضح ان هذه الحرب لم تبداء في 15/4/2023 كما يحاول طرفي الصراع الترويج لذلك بل بدات في 19/4/2019 في لحظة سقوط البشير وظل الاعداد والاستعداد لها منذ ذلك الحين بسبب بروز الطموح الواضح لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو للقيادة وهو من غرب السودان جهويا، والذي قابله اصطفاف جهوي نيلي بحري، مضاد واضح للقارئي وللمستقصي وللمتجردين الحادبين على مفاهيم الوطن الواحد، وتم اسناد الاصطفاف الجهوي المضاد بأليات وامكانات الدولة الجهوية العميقة المتسربلة (بالحركة الإسلامية) ، ويعلم كل منتسبي الحركة الإسلامية كمنهج وفكرة واعتقاد، ولا أعني بذلك اعضاء المؤتمر الوطني المباد، الواجهة السياسية للتنظيم، والذين تجمع مفاهيمهم المسطحة، (بين الاختين) ، يعلم المفكرين واعضاء الحركة الاصل، بان التنظيم تم استلابة لصالح المشروع الجهوي العنصري بعد مذكرة العشرة الشهيرة وقرارات 11 رمضان 2020ذات الطابع العرقي المؤدلج بطلاء وواجهة التنظيم، وقد انتج الفعل انشقاق التنظيم، وبروز الكتاب الاسود، وتمرد دارفور وتمرد الشرق ، فمنذ ابعاد الترابي اصبحت اجهزة التنظيم واجهة صفوية وغطاء عنصري للرئيس البشيرونائبة على عثمان ومعاونيهم ولم يبقي من اخلاقها ومبادئها سوي الاسم فقط، كما ان المنهج الجهوي سادت عدواة في مفاصل اغلب الاحزاب العريقة، الايدلوجية والطائفية والسياسية، وحتى قحت (ناتج مخاض الثورة) لم تنجي من هذة المنهجية مع تغبيش مفضوح من الساسة لوعي العوام لممارسات جميع الخطاة الطامعين في كرسي الحكم للجهوية والقبلية، ويسعي الجميع للتمكين في مفاصل الدولة عرقيا وجهويا بما يحقق الغايات الضيقة دون اعتبار لضرورة ارساء دعائم تكوين( الامة الواحدة) ذات التوجة الوطني العام والمصير الواحدوالقيم المشتركة.
&العلاج الجزري للازمة:-
تعددت المبادرات لحل الاشتباك العسكري في البلاد وحمل هم ضرورة توقف القتال المجتمعين الدولي والاقليمي، وكذلك جميع افراد الشعب المكتوي بلهيب النيران، باستثاء سكان الفنادق والهاربين من الواقع المزري للاحتراب والذين ينادون بضرورة استمرار القتال والخراب حتى افناء الطرف الآخر، وهو الخيار(الصفري) والذي سيقود الي توسع رقعة الحرب الاهلية واشتداد اوارها حتى يمس لهيبها كل شخص و كل شيء خاصة بعد ان بدات بعض دول الجوار(الافرو عربي) في إدخال اصابعها واذكاء اللهيب او اخمادة واسناد طرفي القتال سرا وعلنا، كل حسب مصالحة، كما ان الدول الكبري برزت اجندتها للسطح بمجرد تفجر الحرب، في تمحورات واضحة من أقصي اليمين الي اقصي الشمال مرورا بالوسط المتارجح وشمل ذلك كل من امريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانياوتركيا،
ويظل الدور الامريكي هو الأهم والاخطر في ظل تارجح الميزان العسكري بين الطرفين المتقاتلين وعدم القدرة على الحسم، وتحول الاشتباك الي حرب استنزاف، وهو خط محسوب من رعاة الحرب الخارجيين وذلك لتجسير وتاطير( الفوضي الخلاقة) (نظرية استخبارية غربية استخدمت منذ مطلع القرن العشرين ) والتي تعمل استخبارات ذوي المصلحة على تثبيت اركانها والسيطرة على النتائج بحيث لا تتجاوز مصالحهم والتي ينتهي افقها بضرورة ازاحة الطرفين و تسطيح الارضية المعقولة لتثبيت الحكومة التي يريدها اللاعبون الكبار من غير الطرفين المتصارعين، المغفلين النافعين( الميم نون) وهي تضمن مصالحهم المادية والاستراتيجية، ودون ما انفعال او اصطفاف، وبقرائة واقعية، فان القوات المسلحة مصنفة من دول الجوار والغرب عامة بأنها قوات للحركة الإسلامية وهي مؤدلجة وذلك وفق الوقائع التاريخية للانقاذ في تصدير الثورة لدول الجوار وتشبيكها مع الحركة الإسلامية العالمية، اما الدعم السريع وعلى الرغم من تحالفة التكتيكي مع قحت والتي تمثل مخلب القط للغرب،وتتماهي مع تكتيكات مراكز الابحاث الغربية السياسية والاستخبارية والتي تحدد خطي الساسة الغربيين دون اهواء شخصية، فالدعم السريع مصنف بانه احد ازرع موسكو وان هواه شرقي وهو متهم بانه السبب في تدعيم الخزانة الروسية بالذهب الذي مكن الرئيس الروسي بوتين من شن الحرب الاوكرانية والتي تنحو الي حرب كونية، اضافة الي اتهامة في المساهمة في اسقاط حكومتي أفريقيا الوسطى والنيجر ،وهو مايوحي بطموحات اقليمية غير مضمونة النتائج لدي الغرب، وهي مرفوضة لديهم، كذلك اتهامة بالتماهي مع حفتر وهو مزدوج الولاء للمعسكرين العالمين، ومن المستحيل الثقة في توجهات الدعم السريع من قبل الغرب ولكن يمكن استخدامة تكتيكيا بغرض ضرب جيش التنظيم الإسلامي المصنف ايدلوجيا لدي الغرب، مع ضمان ابعادة من السلطة، او التخلص من قادتة، (المرحوم جون قرنق نموزجا) حيث تمت تصفيتة جسديا بعد تنفيذ اجندة الغرب في ضمان الاستفتاء للجنوب واظهارة ميل للوحدة الوطنية،
&&الطريق الثالث:-
يظل الامل في تدابير المولى عزوجل هو السائد لدي الذين لاذالوا يحافظون على ايمانهم في ظل هذه الفتنة والحرب الملعونة ، ويظل المخرج الوحيد من الازمة الحالية في انتهاج( الطريق الثالث) والذي تتبدي معالمة للمتجردين من الهوي العنصري والجهوي لصالح هويه الوطن والوطنية، والخروج من الصندوق( الجهوعنصري) النتن والذي يفوح بشعارات التشرزم (البحروالنهر لنا والغرب ان امكن) يقابلة شعار(البحر والنهرلنا والغرب هو الوطن) الي مضمون وطن يسعنا جميعا، وخيرة يكفينا ويفيض على الدنيا بارادتنا الوطنية وروحنا القومية، ولا يتاتي ذلك الا عبر اتفاق طرفي الصراع صراحة باساس الازمة، واسبابها الحقيقية، بتجرد ونكران ذات ومخالفة حاشية السؤ الداعية للعنصرية والجهوية، كما ان هذه الدعوات هي المنصة التي سينطلق منها تقسيم الوطن الي دويلات وفق خطط الاعداء، ويظل اساس المشكلة هوالخلل البنيوي في أساس الدولة وضرورة طمس وطمر الانحياز الجهوي والعرقي في المستقبل القريب، عبر منهجية علمية ادواتها الاساسية التربية والتعليم والقانون، واعلاء قيم التساوي والمساواة بين كل افراد الشعب، وقيم حقوق الإنسان العالمية، ومن قبل ذلك ايقاف الحرب بالتراضي الوطني وطمس مضامين النصر والهذيمة الكزوبة وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية دون اي (استهبال سياسي) او انحياز عرقي اوجهوي، يكون هدفها الاساسي الترتيب لمؤتمر دستوري ومن ثم انتخابات حقيقية تبرز حكومة ترسي القيم الوطنية وفق معيار المواطنة والكفائة فقط، ولكي نرسخ مفهوم الوطن الواحد، لابد من نسف النظام الكنفدرالي والمفاهيم الفدرالية الي ان يتعافى مضمون الوطنية والوطن، والاستعاضة عنها بدولة مركزية قوية ذات اجهزة قومية في النطاقين العسكري والمدني وفق معايير العلمية والمهنية فقط،واعادة نظام الانتقال والنقل الاداري الالزامي لموظفي الدولة المدنيين وعسكرييها بحيث يمكن للدولةنقل الشرطي او المعلم… الخ، من حلفا للجنينة والعكس، ومن سنكات للفاشر بمركزية راشده، كذلك لابد من تطوير الادارة الاهلية دون التصادم مع المفاهيم الاجتماعية والاعراف، بالاستهداء بتجربة حكومة مايو الفاشلة في محاولتها نسف نظام الإدارة الاهلية عبرالغاء النظام الاداري الاهلي ، بل يتم تطويرها بهيكلتها ضمن اجهزة الدولة المدنية كوظيفة ديوانية تنفيذية تخضع للمعايير القانونية والديوانية، وتطلع بنظم واعراف المجتمع وتتجاوز الاطار القبلي ومعيارة للشان الاداري والخدمي العام وتعمل على تثمين وتثبيت الاعراف التي تقود لمجتمع واحد دون قبيلة، والغاء الإلتزام بالتعيين من قبيلة محددة للاداري الاهلي في حيزة الجغرافي ، ولابد من الغاء نظام الدوروالحواكير الخاصة بالقبائل والاعراق قبل ذلك، بغرض أضعاف الروح القبلية والجهوية واعلاء الهوية الموحدة للامة، ولابد من انشاء جهاز ذو سلطات تشريعية وتنفيذية للرقابة على مسؤلي الدولة ومحاربة التمكين القبلي والجهوي والسلوك المشين الذي اصبح منهج للحاكمين، والذي اضحي معروفا ومالوفا للمجتمع (المنكر)، وحينما اتيحت المساحة للإصلاح بعد الثورة التي اقتلعت الانقاذ فوجئي المجتمع بتمكين آخر لا يقل سؤ ولعنة عن السابق، قادتة قحت برعونة البت عليها المجتمع واحبطتة ، مما تسبب في انتاج انسداد عام في افق المجتمع ودعم اسباب الحرب الماثلة الان، ودون التوافق على الحلول العقلانية المتجردة من اهواء القبلية والجهوية فان ادوات وشروط الحرب الاهلية الشاملة والحريق التام قد تهيئات جميع اسبابها العسكرية والنفسية وخياراتها الصفرية،
فهل لايزال في وطني ذوي عقول لقيادة نهج اللحمة الوطنية الصادقة؟
ام سننتظر حتى نموت بالقصف المدفعي والنيران الصديقة والعدوة، وفي انفسنا شيئ من حتي؟